قبل أيام ، نقلت شعلة أولمبياد بكين التي ترمز للسلام والصداقة والأمل نقلت من جنوب الصين إلى شمال غربيها، ووصلت إلى مدينة يانآن بمقاطعة شانسي بإعتبارها قاعدة ثورية صينية ، حيث حظيت بترحيب حار من قبل المواطنين المحليين جماهيريا ورسميا . وكانت الشعلة الأولمبية قد تناقلتها أيدى 208 شخص من مختلف الأوساط ، وهم يشعرون بفخر كبير للمشاركة في هذا النشاط معتقدين أن روح أولمبياد المتمثلة في التفاهم والصداقة والوحدة والمنافسة المتوازنة هي الروح العظيمة التي يتطلع إليها كل البشر . وكانت نقطة الإنطلاق من دار تساو يوان الثورية التاريخية، ثم مرت بمساكن قديمة لبعض القادة الثوريين القدماء مثل الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ ورئيس مجلس الدولة الصيني الراحل شو لآن لاي والجنرال الصيني الراحل تشو ده ورئيس جمهورية الصين الراحل ليو شاو تشي وغيرهم . وأول حاملي شعلة الأولمبياد بمدينة يانآن هي عجوز معمرة يتجاوز عمرها 92 سنة ، كانت جندية شابة في الجيش الأحمر الصني القديم وشاركت في المسيرة الكبرى العظيمة للجيش الصيني قبل أكثر من سبعين عاما . مع أن صحتها غير جيدة ، إلا أنها كانت ثابرت على الركض وحمل الشعلة بنفسها في الزي العسكري القديم مؤكدة أن هذه هي مسيرة مشرقة عظيمة أخرى ينبغي عليها أن تتمها .

تقع مدينة يانآن على الهضبة الترابية الصفراء بشمال غربي الصين ، وتحيطها الجبال الثلاثة وهي جبل باو تا وجبل تشينغ لانغ وجبل فونغ هوانغ ، ويجمع في أسفلها نهر يان خه ونهر فين تشوان ، مما جعلها أصبحت موقعا هاما يريد كل جيش ومملكة إحتلاله أو استغلاله منذ قديم الزمان . وكانت مدينة يانآن تدعى ولاية " يان تشو" في عهد أسرة سوي الملكية الصينية القديمة قبل أكثر من ألف سنة . كما هي مهد حضارة الأمة الصينية القديم في مجارى النهر الأصفر بإعتباره نهر الأم للصين . لذلك، أدرجت في قائمة المدن التاريخية والثقافية الصينية المشهورة البالغ عددها 24 على مستوى الدولة .

وبالإضافة إلى ذلك، ظلت مدينة يانآن مدينة ثورية حمراء في نفوس أبناء الشعب الصيني، لأنه كان مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومركز القيادة للثورة الصينية منذ عام 1935 حتى 1948 ، وكان يعيش ويعمل فيها كثير من قادة الحزب الشيوعي الصيني القدماء والثوريين الصينيين والشخصيات الديمقراطية والمشاهير والمثقفين والشباب ذوي التطلعات السامية أملا في خوض النضال ضد المعتديين اليابانيين وإنقاذ الوطن . وتحت قيادة الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ والحزب الشيوعي الصيني، تغلبت أبناء الشعب الصيني على الصعوبات العديدة وهزمت العدوان الياباني وإنتصرت في حرب التحرير الشعبي الصيني في النهاية، وحتى تأسيس جمهورية الصين الجديدة. لذلك ، تعتبر مدينة يانآن مكانا مقدسا للثورة الصينية حيث تم تأكيد أفكار الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ الحكيمة وإثبات قيادة الحزب الشيوعي الصيني للثورة الصينية.

في مدينة يانآن حاليا أكثر من ثلاثمائة موقع كأماكن ثورية تاريخية محمية ، ومنها تساو يوان ويانغ جيا لينغ ووانغ جيا بينغ وناني وان وغيرها ، وهي صارت الآن نقاطا سياحية حمراء ساخنة تجذب الزوار والسياح يوميا . وفي العام الماضي ، إستقبلت مدينة يانآن أكثر من ستة ملايين سائح بزيارة 15% عن العام السابق.

وبالإضافة إلى ذلك ، توجد في مدينة يانآن أيضا كثير من الآثار التاريخية القديمة والمواقع السياحية الطبيعية مثل جبل باو تا وشلال فم الإبريق المشهور على النهر الأصفر ومقبرة الامبراطور هوانغ دي وكهوف التماثيل البوذية القديمة وغيرها .

جدير بالذكر أن الأغاني الشعبية المحلية مشهورة في الصين بموضوعاتها المتوافرة ونغماتها المميزة . وهناك مطرب شعبي من مقاطعة شانس ومعروف لدى الصينيين إسمه وانغ شيانغ رونغ ، أنتخب بشرف كبير حاملا لشعلة أولمبياد بكين في مسيرة تتابعها بمدينة يانآن. وقال للمراسل متأثرا :

"يشرفني أن أكون حاملا لشعلة أولمبياد بكين . لم أجيد الألعاب الرياضية ولكني أجيد الغناء . وفي ذلك اليوم ، غنيت أغنية شين تيان يو الشعبية بصوت عال خلال ركضي لتتابع الشعلة تعبيرا عن رغبتنا المرجوة لنجاح أولمبياد بكين ورفع الروح الأولمبية إلى الأعلى."

ومع غناء المطرب الشعبي المشجع ، كانت شعلة الأولمبياد صعدت قمة جيل باو تا الرمزي لمدينة يانآن مما دفع جو تتابع الشعلة إلى ذروته. ويمثل ذلك أيضا أن جميع الصينيين يرحبون بحماسة كبيرة بإستضافة أولمبياد بكين متمنين إقامته بنجاح وسلاسة وأن تعمم الروح الأولمبية على كل العالم إلى الأبد .